روائع مختارة | قطوف إيمانية | نور من السنة | إذا سـألت فاسـأل الله

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > نور من السنة > إذا سـألت فاسـأل الله


  إذا سـألت فاسـأل الله
     عدد مرات المشاهدة: 1576        عدد مرات الإرسال: 0

قال عليه الصلاة والسلام في حديث ابن عباس رضي الله عنهما: «...إذا سألت فاسأل الله، وإذا إستعنت فاستعن بالله» رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح، فيه إفراد الله جل وعلا بالإستعانة وبالسؤال، وهذه على مرتبتين:

=المرتبة الأولى: واجبة، وهي التوحيد بأن يستعين بالله جل جلاله وحده دون ما سواه فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا، فهذا واجب أن يُفرد الله جل وعلا بالإستعانة، وكذلك أن يسأل الله جل وعلا وحده فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا، هذا هو المعروف في التوحيد فيما يكون من الدعاء صرفه لغير الله جل وعلا شرك، وكذلك في الإستعانة التي يكون صرفها لغير الله جل وعلا شركا.

=المرتبة الثانية: المستحبة، وهو أنه إذا أمكنه أن يقوم بالعمل، فإنه لا يسأل أحدا من الناس شيئا، والنبي صلى الله عليه وسلم قد أخذ العهد على عدد من الصحابة ألا يسألوا الناس شيئا، قال الراوي: فكان أحدهم يسقط سوطه فلا يسأل أحدا أن يناوله إياه، وهذا من المراتب التي يتفاوت فيها الناس.

فإذا أمكنك أن تقوم بالشيء بنفسك فالأفضل والمستحب ألا تسأل أحدا من الخلق في ذلك إذا أمكنك بلا كلفة ولا مشقة، ومن كانت عادته دائما أن يطلب الأشياء فهذا مكروه، وينبغي للعبد أن يوطن نفسه، وأن يعمل بنفسه ما يحتاجه كثيرا، وإذا سأل في أثناء ذلك، فإنه لا يقدح حتى في الدرجة المستحبة، لأنه عليه الصلاة والسلام ربما أمر من يأتيه بالشيء، وربما طلب من يفعل له الشيء، وهذا على بعض الأحوال.

قال عليه الصلاة والسلام بعد ذلك: «واعلم أن الأمة لو إجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن إجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام، وجفت الصحف.

هذا فيه بيان القَدَر الثابت، وأن العباد لن يغيروا من قدر الله جل وعلا الماضي شيئا، وأما مَن عظم توكله بالله جل وعلا، فإنه لن يضره الخلق، ولو إجتمعوا عليه، وجاء في عدد من الأحاديث بيان هذا الفضل، في أن العبد إذا أحسن توكله على الله جل وعلا، وطاعته لله، فإن الله يجعل له مخرجا، ولو كاده من في السماوات ومن في الأرض لجعل الله جل وعلا له من بينهن مخرجا.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن يضروك...» إلى آخر الجملتين، وهذا فيه إعظام التوكل على الله جل وعلا، والتوكل على الله سبحانه وتعالى من أعظم المقامات، مقامات الإيمان، بل هو مقام الأنبياء والمرسلين في تحقيق عبوديتهم العظيمة للرب جل وعلا.

والتوكل على الله معناه: أن يفعل السبب الذي أُمر به، ثم يفوض أمره إلى الله جل وعلا في الإنتفاع بالأسباب، وإذا كان ما لديه من الأمر لا يملك أن يفعل له سببا فإنه يفوض أمره إلى الله جل وعلا، كما قال سبحانه في ذكر مؤمن آل فرعون: {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر:44]، وهذا التفويض إلى الله جل وعلا لتحصيل مراده، أو دفع الشر الذي يخشاه، والعباد إذا تعامل معهم فإنما يتعامل معهم على أنهم أسباب، والسبب قد ينفع، وقد لا ينفع، فإذا تعلق القلب بالخلق أوتي من هذه الجهة، ولم يكن كاملا في توكله.

فتعلق القلب بالخلق مذموم، والذي ينبغي: أن يتوكل على الله، وأن يعلق قلبه بالله جل وعلا، وألا يتعلق بالخلق، حتى ولو كانوا أسبابا، فينظر إليهم على أنهم أسباب، والنافع والذي يجعل السبب سببا وينفع به هو الله جل وعلا، إذا قام هذا في القلب فإن العبد يكون مع ربه جل وعلا، ويعلم أنه لن يكون له إلا ما قدره الله جل وعلا له، ولن يمضي عليه إلا ما كتبه الله جل وعلا عليه.

وقال عليه الصلاة والسلام: «رفعت الأقلام، وجفت الصحف»، يعني: أن الأمر مضى وإنتهى، وهذا لا يدل على أن الأمر على الإجبار، بل إن القدر ماض، والعبد يمضي فيما قدره الله جل وعلا، لأجل التوكل عليه، وحسن الظن به، وتفويض الأمر إليه، وهو إخلاء القلب من رؤية الخلق.

اللهم أرنا الحق حقا، وإرزقنا إتباعه، وصل الله على سيدنا محمد.

المصدر: موقع دعوة الأنبياء.